البحرين.. مسيرة نسوية تنتظر قانونا موحدا للأحوال الشخصية

رغم تحقيق طفرة في حقوق المرأة

البحرين.. مسيرة نسوية تنتظر قانونا موحدا للأحوال الشخصية

كحجر زاوية في منظومة الإصلاحات السياسية ومسار التطور الديمقراطي، لا تزال حقوق المرأة تواجه العديد من المعوقات في البحرين. 

وفي عهد الملك حمد بن عيسى عاهل البحرين حصلت المرأة على حق التصويت والترشح في الانتخابات النيابية والبلدية لأول مرة بعد ‏أن تم تعديل الدستور في عام 2002. 

وعلى إثر ذلك شهدت البلاد توسعا في الحقوق السياسية وفي القلب منها حقوق المرأة في الحصول على مناصب بارزة بمواقع السلطة داخل الحكومة.‏

وكان إعطاء المرأة حق التصويت في عام 2002 جزءًا من عدة إصلاحات سياسية واسعة النطاق حيث ‏شهدت إنشاء مجلس نواب منتخب ديمقراطيا والإفراج عن السجناء السياسيين وغيرها. 

وكانت النساء في البحرين لا يملكن ‏حقوقاً سياسية ولا يمكنهن التصويت في الانتخابات أو الترشح فيها.‏

ورغم أن العديد من النساء ترشحن في الانتخابات البلدية والبرلمانية على حد سواء في عام 2002 ‏فلم تنجح منهن أي واحدة. 

وغابت المرشحات بشكل واضح من قوائم الجمعيات الإسلامية مثل جمعية ‏الوفاق الوطني الإسلامية وجمعية المنبر الوطني الإسلامي وجمعية الأصالة الإسلامية.‏

وبعد الأداء الضعيف للمرشحات في الانتخابات النيابية تم تعيين بعضهن في مجلس الشورى، كما عينت البحرين أول وزيرة وهي ندى حفاظ في منصب وزيرة الصحة عام 2004، ثم فاطمة البلوشي ‏وزيرة للتنمية الاجتماعية في عام 2005. 

وأصبحت أليس سمعان عضوة مجلس الشورى أول امرأة تترأس ‏الدورة البرلمانية في العالم العربي عندما ترأست مجلس الشورى في عام 2005.‏

في يونيو 2006 تم انتخاب البحرين لرئاسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتم تعيين هيا بنت راشد آل خليفة ‏رئيسة، ما يجعلها أول امرأة في الشرق الأوسط وثالث امرأة في التاريخ تتولى هذا المنصب.

الأحوال الشخصية

وتعد القضية الأكثر إلحاحاً بالنسبة للعديد من النساء البحرينيات، هي عدم وجود قانون موحد للأسرة، وترك ‏مسائل الطلاق وحضانة الأطفال لتقدير القضاة الشرعيين الذين قد يتعرضون لانتقادات عن الأحكام الصادرة ‏منهم.

وأدت المطالب بضرورة إصلاح القانون إلى العديد من المواجهة السياسية بين السلطة ونشطاء حقوق المرأة، إذ قسمت ‏قضية قانون الأحوال الشخصية الموحد المجتمع المدني إلى معسكرين أحدهما المؤيدون ويشملون نشطاء ‏حقوق المرأة وجماعات حقوق الإنسان، والآخر المعارضون وهم جمعية الوفاق وجمعية الأصالة الإسلامية ‏السلفية.‏

حقوق وحريات

ويرى فريق آخر أن المرأة البحرينية تعتبر من أكثر الخليجيات تمتعاً بالحقوق والحريات حيث ‏تسجل حضورا في مختلف المجالات، وإن كانت الفجوة كبيرة مع الرجال فيما يتعلق بالأحوال ‏الشخصية، لكنها تساوت مع الحقوق والحريات.

ويدعم هذا الفريق رأيه بأن نساء البحرين يتمتعن بحقوقهن بعد مسيرة نضال طويلة بعكس ‏الحال في بعض الدول الخليجية المجاورة التي لا يحق للمرأة الانتخاب، إذ ‏يحق للمرأة البحرينية الانتخاب والترشح منذ 13 عاماً. 

وتتقلد البحرينيات وظائف ومناصب ‏مختلفة في مختلف المجالات من وزيرات وسفيرات ونائبات في البرلمان ومجلس الشورى إلى شرطيات ‏وضابطات. 

وتشدد البحرينية على أن الدولة تشجع المرأة بشكل كامل وليس بصورة شكلية، فهن لسن ‏كسيدات في مواقع صنع القرار فقط لإثبات أن المرأة موجودة فقط أمام العالم.‏

وفي عام 2001 تم إنشاء المجلس الأعلى للمرأة في البحرين برئاسة الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، ‏زوجة ملك البحرين، ومن أهدافه تمكين المرأة وتعزيز مبدأ تكافؤ الفرص.

وبالنسبة للتنقل والسفر يحق للمرأة ‏البحرينية المغادرة أينما شاءت، بالإضافة إلى أنها لم تحرم من حقها في التعليم منذ افتتاح أول مدرسة للبنات ‏في عام 1928.‏

العنف ضد المرأة 

رغم مرور 15 عاماً على إطلاق يوم المرأة البحرينية كمناسبة وطنية في الأول من ديسمبر ‏من كل عام، ترى بعض المنظمات الحقوقية أنه لا تزال التشريعات في البحرين تمييزية ضد المرأة، ورغم كل ‏مساعي المؤسسات التابعة للسلطة المعنية بحقوق النساء كالمجلس الأعلى للمرأة فإنها واقعياً ‏فشلت في معالجة الإصلاح المُلِحّ.

ولا يزال قانون العقوبات يسمح للمغتصب بالإفلات من الاتهامات ‏الجنائية في حال الزواج من الضحية، ومن الممكن أيضًا ملاحظة التمييز بين الجنسين داخل العائلة الواحدة ‏وفي قوانين الجنسية.

كما أنه لا تستطيع العديد من الأمهات البحرينيات منح الجنسية لأطفالهن، ما يترك ‏العديد من الأطفال من دون جنسية ولا يتمتع أي منهم بالحقوق الأساسية.

كذلك لا يزال التمييز قائماً بين ‏الجنسين على صعيد الأجور في القطاعين العام والخاص ولا تزال المرأة مقيدة الحقوق على صعيد مشاركتها ‏في العمل السياسي. 

هذا الواقع سائد رغم مصادقة مملكة البحرين على عدد من الاتفاقيات لحماية ‏حقوق المرأة، وبالأخص اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة، والإعلان العالمي للقضاء على ‏العنف ضد المرأة.‏

وبحسب دراسة قام بها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة وصندوق الأمم ‏المتحدة للسكان واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، فإنّ القانون في البحرين لا ‏ينص على المساواة بين الجنسين ولا يتوفر الحد الأدنى من الحماية من العنف القائم على النوع الاجتماعي، ‏حتى وإن تم تناول بعض جوانب عدالة النوع الاجتماعي في القانون، لكن لا تزال هناك أوجه انعدام مساواة ‏كبيرة.‏

تمكين منقوص

بدوره، قال الباحث في شؤون المرأة بالبحرين محمد رشاد: "قطعت المرأة شوطاً كبيراً في حصولها على ‏حقوقها، لقد ساهمت الجمعيات النسائية في البحرين، التي بدأت عملها في الخمسينات، بشكل كبير في ‏الحراك من أجل تمكين المرأة من حقوقها".

وأضاف رشاد لـ"جسور بوست": "لكن لا تزال هناك ملفات عالقة، على سبيل المثال حرمان المرأة ‏البحرينية من حق منح جنسيتها لأطفالها وزوجها إذا كانت متزوجة من أجنبي، إلى جانب عدم المساواة بين الجنسين في الإرث".

وتابع: "البحرين كمعظم الدول الإسلامية تعتمد الشريعة الإسلامية كمرجع في هذا الصدد، ‏وهناك بنود تحفظت عليها البحرين عندما وقعت الاتفاقية الدولية للقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة ‏عام 2002".‏

وأوضح: "تفتقر مملكة البحرين إلى قانون موحد خاص بالأسرة وبالأحوال الشخصية، نظراً لمطالبة ‏المرجعية الشيعية بوجود ضمانة دستورية لكي لا يتم تغيير القانون أو تعديله إلا بالرجوع إلى المراجع الدينية ‏المعتمدة".

ومضى قائلا: "أدى عدم توافق الحكومة على القانون الموحد إلى صدور قانون خاص بالمذهب السنّي في عام ‏‏2009، في الوقت الذي تبقى فيه المرأة من المذهب الجعفري تفتقد إلى مرجعية قانونية للبتّ في قضايا ‏الأحوال الشخصية، الأمر الذي تسبب في تأخير صدور الأحكام القضائية في قضايا الطلاق والنفقة ‏والحضانة على وجه الخصوص ويسبب ضرراً كبيراً للزوجة والأطفال".‏
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية